الطقس

84°F°C
مرتفع ‎91° منخفض ‎71°
29°C°F
مرتفع ‎33° منخفض ‎22°
  • صافٍ 
English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

الأحد، 15 يناير 2012

معركة الوجود العربي القومي

|

ثير ما تشهده الأمة العربية في هذه المرحلة التاريخية المهمة ، جدلا مستمرا خصوصا بين الغيورين على مصالح هذه الأمة ومستقبلها . وفي أكثر من مناسبة أثيرت بعض التخوفات عن إمكانية فشل هذه الثورات خصوصا وأن أعداءها يتربصون لها ، ويحاولون وأدها وهي في المهد .
فالتحديات التي تواجهها الثورات العربية ،والأخطار التي قد تداهمها ، تحتاج إلى وقفة لطرح أفكار وآليات وسبل عمل , بهدف تقوية وتحصين المكاسب التي أنجزتها هذه الثورات ‘ ولهذا فإن المعارك التي تخوضها إن كانت شعبية أو سياسية أو عسكرية , ما هي إلا مرحلة مخاض تمر بها الثورات بإنتظار المولود الجديد .
وهذه مرحلة لا بدّ من عبورها كي يصبح من الممكن إرساء سفينة الحرية والديمقراطية في بحر الأمان العربي . وميزة هذه المرحلة أنها مرحلة فصل وأنتصار . إن الثورات التي سبق وعاصرناها في تاريخنا الحديث ، إعتمدت في الأساس على التخلص من الإستعمار وتسليم الأمور إلى أبناء الشعب ليتقدموا في بناء الوطن القومي ، ومنح الإنسان العربي الحرية والعزة والكرامة في وطنه .
ولكن الأمور لم تسر في هذا الإتجاه لدى هذه الدول . فقد تكالبت قوى أجنبية وعربية على إنجازات مصر إبان حكم جمال عبد الناصر , والذي استطاع الإنتقال من مرحلة التحرر من الإستعمار إلى مرحلة البناء الإقتصادى ، والعمل من أجل الوحدة الوطنية والقومية لدى الشعوب العربية .
ولكن مع وفاة الزعيم بدأت الدول تأخذ منحاً جديدا . وبدأت تعود إلى الظهور الدولة القطرية ، والتي زعمت أنها تحارب الإستعمار ، في حين فتحت الأبواب على مصراعيها للفساد المحلي والإستغلال الأجنبي ، وبالتالي فقد أصبح طبيعيا في هذه الحالة أن تتحكم الدكتاتورية بمصير الشعوب العربية ، وتعمل على تغييب وإسقاط العمل القومي من جدول الأعمال , وفي كثير من الأحيان محاربة واضطهاد عناصره.
ولم تستطع الدولة القطرية إقناع الجماهير العربية بضرورة وجودها ، فقد رأت هذه الجماهير فيها كيانا مناهضا لتطلعاتها خصوصا مع بداية القرن الواحد والعشرين . فخلال فترة الأربعين سنة الأخيرة شهد الإنسان العربي تغيير في تفكيره وتطلعاته المستقبلية . فقد سافر الكثيرون إلى خارج الوطن العربي ، منهم للدراسة للتعليم ومنهم للعمل وآخرون لقضاء عطل , ونتج عن ذلك إحتكاك مع الشعوب الأخرى الشيء الذي ساعد كثيرا في تطوير الرؤية المستقبلية لهؤلاء والذين حملوها معهم عائدين إلى أوطانهم . وأصبحت المقارنة بين معيشتهم وتفكيرهم وتطلعاتهم الحياتية تختلف عن تلك التي يريدها لهم قادتهم .
وكان لا بدّ من وجود عامل مرئيّ على أرض الواقع ، فكان هناك الغزو الأمريكي للعراق والذي كان من أهم أهدافه إفشال الدولة القومية ، وتشجيع قيام الدولة القطرية المبنية على الطائفية والعشائرية . ووجدت هذه الفكرة مرتعا خصيبا في العراق المحتل لأسباب لا نريد الخوض بها في هذا المقال . ولكن المحتل ، رغم كل محاولات غسل الدماغ ، والضغوط النفسية، والرشاوي المالية ، فشل في إقامة الدولة الديمقراطية التي نادى (ولايزال ينادي ) بها . فالنمو الطائفي ، ليس فقط يتناقض مع النمو الديمقراطي والقومي ، بل إنه يفقد أسس هذا النمو . فالدولة القطرية لان يكتب لها النجاح إذا ما استغنت عن الأسس القومية ، وفي هذه الحالة أسس القومية العربية والعروبة . فالقومية كما هو معروف, ليست نظرية ،بل إنها ظاهرة حياة تاريخية وثقافية واجتماعية وسياسية ومصيرية مشتركة .
والمثل الثاني لوجهة النظر هذه هي أن يؤدي الغزو الأمريكي للعراق إلى إقامة دولة إستيطانية تقوم على المواطنة وليس على الأبعاد القومية ، وكأنها دولة مهاجرين على غرار إسرائيل والولايات المتحدة ، واللتين لم تتطور فيهما القومية . فإسرائيل اليوم تعاني من هذا النقص وتحاول تغطيته بالبعد الصهيوني وعن طريق دمج الدين بالقومية ، ولكنها فشلت في صهر المهاجرين اليهود في البوتقة القومية المفتعلة . وهذا النموذج لم يكتب له النجاح في العراق بسبب الوجود القومي القوي .
في خضم هذا التحرك ، ومحاولات بناء " شرق أوسط جديد " يتماشى مع التطلعات الأمريكية والإسرائيلية ، فجر الشباب العربي ثورة تونس ولحقتها مصر ، وهي تنتقل الآن بسرعة فكانت لها أصداء في ليبيا وفي اليمن وفي البحرين وفي سورية وفي الأردن وغيرها من الدول العربية .
وهذه الثورات جاءت في الأساس لتحقيق الإصلاحات وإعادت البلاد إلى موقعها القومي والتاريخي ومحاربة الفساد وغسل وصمة العار عن جبين الشعوب العربية . إنها ليست إنقلابات عسكرية هدفها محاربة " الرجعية والإستعمار وأعوان الإستعمار " بل إن هدفها الأول هو التخلص من الأنظمة القائمة والبدء من البداية . وهذا ليس بالأمر الهين ، ولكنه ليس مستحيلا . فالعدو الأول الذي شخصته هذه الثورات هو النظام القائم ، فكان لا بدّ من خوض غمار صراع معه والتخلص منه حتى تستطيع الشعوب من السيطرة أولا على مقدراتها ومصيرها ولتبني مستقبلها .
وأهم نقطة حققتها هذه الثورات هي كسر عقدة الخوف لدى الإنسان العربي . فلم يعد الشعب يهاب الحكام ، وأخذ ينادي برحيلهم ومحاكمتهم . كما أسقطت هذه الثورات شعار "الفزاعات" التي إستغلته ( ولا تزال ) معظم الأنظمة العربية ، والدول الإستعمارية أصحاب المصالح الإقتصادية والإستراتيجية في المنطقة ، أنه في حالة سقوط النظام فإن قوى التطرف الديني ، خصوصا الإخوان المسلمين ، أو ما تسمى بالقاعدة وغيرهما هي التي ستستلم الأمور ، وتقوم بفرض دكتاتورية جديدة أكثر تطرفا من الدكتاتوريات المتواجدة . إلا أن هذه "الفزاعات " تساقطت الواحدة تلو الأخرى . لا الإخوان سيطروا ولا القاعدة فرشت ظلالها ، بل يمكن القول أن هذه العناصر لم تظهرعلى الساحة كما توقّع البعض .
كما أن التغيب المرحلي ، في رأيي ، للشعارات العروبية والقومية وشعار تحرير فلسطين ومحاربة الإستعمار وغيرها ، لا تعني أن هذه الثورات أبتعدت عن هذا الإتجاه . فكما أسلفنا فإن الأساس القومي هو السبيل الأمثل لتحقيق الأهداف . فالمراقب للتصريحات والمواقف الوطنية، خصوصا من مصر ، يستطيع أن يتفاءل خيرا .
فعلى سبيل المثال مطالبة وزير الخارجية المصري ، نبيل العربي ، بضرورة تطبيق كل بنود اتفاقيات كامب ديفيد بما فيها البنود المتعلقة بالقضية الفلسطينية ، ودعوته لإعادة دراسة الإتفاقيات المبرمة بين مصر وجميع الدول بما فيها إسرائيل بالنسبة لبيع الغاز الطبيعي والبترول وغيره ، وتحذير إسرائيل من التمادي في اعتداءاتها على قطاع غزة , والعمل على إعادة العلاقات مع إيران وغيرها من التصريحات والمواقف يمكن إعتبارها أنها أساس لمرحلة جديدة قد يكون لها أبعاد إيجابية ، كثيرة .
فبسبب نظام حسني مبارك وزمرته خلال الثلاثين سنة الأخيرة ،ودعمه لمواقف إسرائيل ، والمحاولات المستمرة لمنحها الشرعية في المنطقة دون أن تطبق أي قرار من القرارات الدولية، أو الإتفاقيات التي وقعت عليها ، وخضوعه للمطالب الأمريكية ، كل هذا أدى إلى مزيد من عربدت إسرائيل ، ليس فقط ضدّ الفلسطينيين ، بل وصلت أصابعها إلى تونس والعراق ودبي ولبنان وغيرها من الدول العربية . كل هذا ليس بسبب قوتها العسكرية فقط ، بل كون أنها كانت مقتنعة أن نظام مبارك في مصر وبعض الأنظمة العربية الأخرى تقف إلى جانبها لسبب أو آخر وتساندها سياسيا بصورة مباشرة أوغير مباشرة .
إذن فالمعركة التي تخوضها الشعوب العربية في هذه المرحلة التاريخية هي معركة الإستقلال الحقيقي ، معركة لا بدّ من خوضها ، فالعدو الذي تتحداه هذه الثورات هو العدو الحقيقي للشعوب العربية . إنه ليس الدخيل والأجنبي ، بل قادة فاسدين مصو ، ولا زالوا ، يمصون دماء شعوبهم، وينهبون ثرواته .
فبدون هذه المعارك النهائية ، وبدون الإنتصار بها ، لا يمكن للشعوب العربية أن تدخل القرن الواحد والعشرين ، ولا يمكن لها أن تسيطر على ثرواتها ومقدراتها ومصيرها . من من هذه الإنتصارات من يتم بدون صراع عسكري عنيف كما كان الحال في تونس ومصر وفي اليمن والبحرين وغيرها من الدول ، ومنها من يتم بالمعارك العسكرية الضارية التي يذهب فيها آلاف الضحايا ، كما هو الحال مع معمر القذافي . ولكن لا بدّ من خوض هذه المعارك لأنه لا يوجد سبيل آخر أمام الشعوب العربية ، وفي حالة وقوع نكسة فستكون مؤقتة وستتكرر العملية حتى النصر الأكيد .

0 التعليقات:

 

للتواصل مع مدونة تماس عبر الايميل

ارسل ايميلك من هنا ثم لا تنسى ان تفتح ايميلك وتضغط على رابط التاكيد الذي سيرسل اليك

Preview on Feedage: %D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B3 Add to My Yahoo! Add to Google! Add to AOL! Add to MSN
Subscribe in NewsGator Online Add to Netvibes Subscribe in Pakeflakes Subscribe in Bloglines Add to Alesti RSS Reader
Add to Feedage.com Groups Add to Windows Live iPing-it Add to Feedage RSS Alerts Add To Fwicki
Design by Wordpress Theme | Bloggerized by Free Blogger Templates | coupon codes
;